قلت: ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي طريقين إلى معرفة الله وصفاته: طريقا سمعية. وطريقا عقلية، وكلاهما طريق شرعية معروفة بالقرآن. أما الأولى: فهو أن تعلم نبوة النبي صلى الله عليه وسلم بما أظهره الله على يديه من المعجزات وبغير ذلك، ثم يعرفون بذلك ما أخبرهم به ودعاهم إليه من التوحيد وإثبات الصفات، وهذا لأن نفس الإقرار بالصانع سبحانه فطري ضروري، أو معلوم بأدنى نظر وتأمل يحصل لعموم الخلق.
ثم معرفة صدق الرسول صلى الله عليه وسلم تعلم بما أظهره من المعجزات الدالة على صدق الرسول.
وقد نبه
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي أن فيما جاء به الرسول من بيان الطرق العقلية التي يعرف بها ثبوت الخالق وتوحيده وصفاته، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن تعريفه للناس ما عرفهم إياه بمجرد خبره، وإن كان ذلك بعد ثبوت صدقه كما يظنه كثير من أهل الكلام، بل عرفهم ما به يعرف ثبوت الخالق ووحدانيته وصفاته، وما به يعرف صدقه، فبين ما جاء به [من] أصول
[ ص: 303 ] الدين وأدلته العقلية التي يعلم بها ما يمكن معرفته بالعقل، وأخبرهم عن الغيب الذي لا يمكنهم معرفته بمجرد عقلهم.
ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: (وإلى ذلك ما وجدوه في أنفسهم وفي سائر المصنوعات من آثار الصنعة ودلائل الحكمة الشاهدة على أنه لها صانعا حكيما عالما خبيرا تام القدرة بالغ الحكمة) .
قال: (وقد نبههم الكتاب عليه، ودعاهم إلى تدبره وتأمله، والاستدلال به على ثبوت ربوبيته، فقال عز وجل:
وفي أنفسكم أفلا تبصرون [سورة الذاريات: 21].
إلى قوله: (وما أشبه ذلك من جلال الأدلة، وظواهر الحجج، التي يذكرها كافة ذوي العقول، وعامة من يلزمه حكم الخطاب، مما يطول تتبعه واستقراؤه، فعن هذه الأمور ثبت عندهم أمر الصانع وكونه، ثم بينوا وحدانيته وعلمه وقدرته، بما شاهدوه من اتساق أفعاله على الحكمة، واطرادها في سبلها، وجريها على إدلالها، ثم علموا سائر صفاته توقيفا عن الكتاب.. إلى آخر كلامه) .