وأما
تقييد الرؤية بالعين فلم يثبت، لا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ولا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد.
والذي في الصحيح
nindex.php?page=hadith&LINKID=701272« عن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- هل رأيت ربك؟ قال: نور أنى أراه» !. وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بإسناده
nindex.php?page=hadith&LINKID=930498عن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر أنه رآه بفؤاده، واعتمد
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد على قول
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر لأن
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبا ذر سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هذه المسألة، وأجابه - وهو أعلم بمعنى ما أجابه به النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما ثبت أنه رآه بفؤاده، دل ذلك على مراده.
[ ص: 43 ]
وأما قولهم: لا يجوز أن تكون معرفتنا به واقعة بالخبر، لأن الخبر إنما يفضي إلى المعرفة، إذا أخبر به خلق كثير عن مشاهدة، وليس أحد يخبر بالله عن مشاهدة.
فهذا مما ينازعهم فيه المنازعون، ويقولون: ليس من شرط أهل التواتر أن يخبروا عن مشاهدة، بل إذا أخبروا عن علم ضروري، حصل العلم بمخبر أخبارهم، وإن لم يكن المخبر مشاهدا.
والمعرفة بالله قد تقع ضرورة، وإذا كان كذلك أمكن المعرفة بتصديق أخبار المخبرين عن المعرفة الحاصلة ضرورة، ألا ترى أن ما يخبر به الناس عن أنفسهم من لذة الجماع، وكثير من المطاعم والمشارب، بل ولذة العلم والعبادة والرئاسة، وحال السكر والعشق، وغير ذلك من الأمور الباطنة، تحصل المعرفة بوجودها بالتواتر لمن لم يجدها من نفسه، ولا عرفها بالضرورة في باطنه؟ وليست أمرا مشاهدا، بل إطباق الناس على وصف رجل بالعلم أو العدل أو الشجاعة أو الكرم أو المكر أو الدهاء، أو غير ذلك من الأمور النفسانية التي لا تعلم بمجرد المشاهدة يوجب العلم بذلك لمن تواترت هذه الأخبار عنده، وإن لم يكن المخبرون أخبروا عن مشاهدة، وكذلك الإخبار عن ظلم الظالمين.
[ ص: 44 ]
ولهذا كانت العدالة والفسق تثبت بالاستفاضة، ويشهد بها بذلك، كما يشهد المسلمون كلهم أن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز كان عادلا، وأن
الحجاج كان ظالما. والعدل والظلم ليس أمرا مشاهدا بالظاهر، فإن الإنسان أكثر ما يشاهد الأفعال كما يسمع الأقوال، فإذا رأى رجلا يعطي ويقتل، شاهد الفعل، أما كونه قتل بحق أو بغير حق، أو أعطى عدلا وإحسانا، أو غير عدل وإحسان، فهذا لا يعلم بمجرد المشاهدة، بل لا بد من دخول العقل في هذا العلم.
وكذلك من لا يعرف الطب والنحو: إذا رأى ما تواتر عند أهل الطب والنحاة من علم
أبقراط وجالينوس وأمثالهما،
والخليل nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه، علم أن هؤلاء علماء بالطب والنحو، وإن لم يعرف هو الطب والنحو وليست معرفة المخبرين بذلك عن المشاهدة.
بل وكذلك إذا تواتر عنده كلام الناس بالإخبار عن علم
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=17336ويحيى بن معين nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وأمثالهم بالفقه والحديث، علم علمهم بذلك، وإن كان المخبرون لم يخبروا عن مشاهدة لكن من رأى كلام هؤلاء، من أهل الخبرة بالفقه والحديث، علم بالضرورة أنهم علماء بذلك، ثم هؤلاء يخبرون بذلك غيرهم. فيتواتر ذلك عند هؤلاء.