قال: (وجملة القول في هذا الباب أنا لا ندعي، ولا صاحب
[ ص: 75 ] الكتاب، أن
العلم باستحالة وقوع الصنعة لا من صانع، شيء يدرك من جهة الضروريات وتعلم صحته من طريق درك الحواس، لكنه يدرك بالاستنباط، فإذا حصل في نفوس من يجوز أن يشك في هذه المسألة، وفي صانع الأشياء التي غاب عنها، نظير لما يشك فيه، ومثل لما ارتاب فيه، رده إليه، وجعله أصلا معه في تصحيح ما ينبغي تصحيحه، وكشف ما يرجى له كشفه) .
قال: وقوله: لو أن منتظرا انتظر اجتماع المصنوعات من غير صانع كان متجاهلا، كلام صحيح، لأن الصنعة يستحيل وقوعها إلا من صانع، كما يستحيل في العقول وجود صانع لا صنعة له، وكاتب لا كتابة له، فتعلق الصنعة بالصانع، كتعلق الصانع في كونه صانعا بوجود صنعته، واستحالة أحد الأمرين في المعقول كاستحالة الآخر) .
قال: (وهذه النكتة المعتمدة في هذا الدليل، وإنما نذكر ضروبا من ضروب الصنائع تقريبا بذكره، وليس القصد بذكره تخصيص تعليقه بالصانع، وإنما يراد بذلك وجوب تعلق سائر المصنوعات بصانع صنعها، فاعرف ذلك) .