وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=13251ابن سينا في الإشارات: (ما حقه في نفسه الإمكان فليس يصير موجودا من ذاته، فإنه ليس وجوده من ذاته أولى من عدمه، من حيث هو ممكن. فإن صار أحدهما أولى، فلحضور شيء أو غيبته، فوجود كل ممكن الوجود من غيره) .
فقوله: (ما حقه الإمكان فليس يصير موجودا من ذاته) قضية صحيحة وهي بينة بنفسها، فإن الممكن هو الذي يكون وجوده بنفسه. فإذا قيل: ما لا يكون وجوده بنفسه فوجوده من غيره، كان هذا من القضايا البينة، ولكن هذا لا يعرف، بل ولا يثبت إلا في الأمور الحادثة، التي تكون موجودة تارة ومعدومة أخرى، كما اعترف، هو وسلفه وسائر العقلاء، لأن ما يمكن وجوده وعدمه لا يكون إلا محدثا. وقد ذكرنا ألفاظه وألفاظ غيره في غير هذا الموضع، ولم يمكنهم إقامة دليل على الافتقار إلى الفاعل إلا في المحدث.
وأما
استدلاله على ذلك بقوله: (فليس وجوده في ذاته أولى من [ ص: 128 ] عدمه من حيث هو ممكن) فهذا لا يحتاج إليه، وهو متنازع فيه، وهو لم يقم عليه دليلا، بل يقال: هو العدم باعتبار ذاته أولى به من الوجود، بل هو باعتبار مجرد ذاته لا يستحق إلا العدم، بل يقال: هذا باطل، فإن ما كان يفتقر إلى فاعل يفعله، يعلم بالضرورة أنه لا يوجد إلا بالفاعل الذي فعله، وأما عدمه فلا يفتقر فيه إلى شيء، وكل ما كان يمكن وجوده وعدمه، لا يكون وجوده إلا بموجد يوجده، وأما عدمه فلا يحتاج فيه إلى شيء.