قال
nindex.php?page=showalam&ids=13171ابن رشد الحفيد: (بل مذهب الفلاسفة مفهوم في الشاهد، أكثر من المذهبين جميعا. وذلك أن الفاعل قد يلفى صنفين: صنف يصدر منه مفعول يتعلق به فعله في حال كونه. وهذا إذا تم كونه استغنى عن الفاعل، كوجود البيت عن البناء، والصنف الثاني إنما يصدر عنه فعل فقط يتعلق بمفعول، لا وجود لذلك المفعول إلا بتعلق الفعل به، وهذا الفاعل يخصه أن فعله مساوق لوجود ذلك المفعول، أعني أنه إذا عدم ذلك الفعل عدم المفعول، وإذا وجد ذلك الفعل وجد المفعول، أي: هما معا، وهذا الفاعل أشرف
[ ص: 138 ] وأدخل في باب الفاعلية من الأول، لأنه يوجد مفعوله ويحفظه. والفاعل الآخر يوجد مفعوله، ويحتاج إلى فاعل آخر يحفظه بعد الإيجاد وهذه حال المحرك مع الحركة، والأشياء التي وجودها إنما هو في الحركة،
والفلاسفة لما كانوا يعتقدون أن الحركة فعل الفاعل، وأن العالم لا يتم وجوده إلا بالحركة، قالوا: إن الفاعل للحركة هو الفاعل للعالم، وأنه لو كف فعله طرفة عين عن التحريك لبطل العالم، فعملوا قياسهم هكذا: العالم فعل، أو شيء، وجوده تابع لفعل. وكل فعل لا بد له من فاعل موجود بوجوده، فأنتجوا من ذلك أن العلم له فاعل موجود بوجوده، فمن لزم عنده أن يكون الفعل الصادر عن فاعل العالم حادثا، قال: العالم حادث عن فاعل لم يزل قديما وفعله قديم. أي: لا أول له ولا آخر، لا أنه موجود قديم بذاته، كما تخيل لمن يصفه بالقدم) .