قال
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي: (فإن قيل: نحن إذا قلنا للعالم صانع لم نرد به فاعلا مختارا يفعل بعد أن لم يكن يفعل، كما يشاهد في أصناف الفاعلين من الخياط، والنساج والبناء، بل نعني به علة العالم، ونسميه المبدأ الأول، على معنى أنه لا علة لوجوده، وهو علة لوجود غيره، فإن سميناه صانعا فبهذا التأويل. وثبوت موجود لا علة لوجوده يقوم عليه البرهان القطعي على قرب، فإنا نقول: العالم موجود، والموجود إما أن يكون له علة، وإما أن يكون لا علة له، فإن كان له علة، فتلك العلة لها علة أم لا علة لها؟
وهكذا
القول في علة العلة، فإما أن تتسلسل إلى غير نهاية، وهو محال. وإما أن تنتهي بالآخر إلى علة أولى لا علة لوجودها فنسميه المبدأ الأول. [ ص: 147 ]
وإن كان العالم موجودا بنفسه لا علة له. فقد ظهر المبدأ الأول، فإنا لم نعن به إلا موجودا لا علة له، هو ثابت بالضرورة.
نعم لا يجوز أن يكون المبدأ الأول هو السماوات، لأنها عدد، ودليل التوحيد يمنعه، فيعرف بطلانه بنظر في صفة المبدأ ولا يجوز أن يقال: إنه سماء واحد أو جسم واحد، أو شمس، أو غيره، لأنه جسم، والجسم مركب من الهيولى والصورة، والمبدأ الأول لا يجوز أن يكون مركبا، وذلك يعرف بنظر ثان.