قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر: (واعلم أن هذا الدليل على حدوث النطفة وغيرها من الأجسام، إذا علق على هذه النكتة، وسلك فيها هذا الضرب من الاستدلال - فلا بد فيه من مقدمات أربع:
أولها: الدلالة على إثبات الأعراض.
والثانية: الدلالة على حدوثها وأن لها أولا تنتهي إليه.
والثالثة: أن الجسم لا يخلو منها ولا يوجد قبل أولها.
والرابعة: أن ما لم يسبق المحدثات فواجب أن يكون محدثا مثلها) .
ثم تكلم على إثبات هذه المقدمات بالكلام المعروف لهم في ذلك. ولما قيل له: لم قلتم: إن الجسم لا ينفك من هذه الحوادث، ولا يوجد قبل أولها؟.
[ ص: 333 ]
قال: (لأدلة منها: أنا نعلم بالاضطرار وببداءة العقول ومقدماتها: أن الأجسام إذا كانت موجودة فلا تخلو من الاجتماع والافتراق، وذلك لأنها لا تعدو إذا كانت موجودات من أن تكون متماسة متلاصقة، كل شيء منها إلى جنب صاحبه، أو تكون متباينة متباعدة، كل شيء منها لا إلى جنب صاحبه، وليس بين هذين منزلة.
فإن كانت متماسة، فذلك معنى الاجتماع، وإن كانت متباينة، فذلك هو معنى الافتراق) .
قال: (ومما يبين ذلك أيضا: أنا لو جاز لنا وجود جسم خاليا من الحركة والسكون، والاجتماع والافتراق، والحياة والموت، والسواد والبياض وغيرهما من الألوان ومن سائر الهيئات، لم نجد إلى ذلك سبيلا، ولكان ذلك ممتنعا، لأنا وجدنا هذه الأعراض متعاقبة عن الأجسام. وتفسير التعاقب: أن الشيء منها يوجد بعقب غيره) .