وقد
تنازع الناس في أطفال المشركين على أقوال:
فقالت طائفة: إنهم كلهم في النار. وقالت طائفة: كلهم في الجنة. وكل واحد من القولين اختاره طائفة من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد. الأول: اختاره
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى وغيره، وحكوه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، وهو غلط على
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد كما أشرنا إليه.
والثاني: اختاره
nindex.php?page=showalam&ids=11890أبو الفرج بن الجوزي وغيره. ومن هؤلاء من يقول: هم خدم أهل الجنة. ومنهم من قال: هم من أهل الأعراف.
والقول الثالث: الوقف فيهم. وهذا هو الصواب الذي دلت عليها الأحاديث الصحيحة، وهو منصوص
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيره من الأئمة.
وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة، nindex.php?page=showalam&ids=15743وحماد بن زيد، nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه. قال: وعلى ذلك أكثر أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، وذكر أيضا في أطفال المسلمين نزاعا ليس هذا موضعه.
[ ص: 436 ]
لكن الوقف قد يفسر بثلاثة أمور:
أحدها: أنه لا يعلم حكمهم، فلا يتكلم فيهم بشيء، وهذا قول طائفة من المنتسبين إلى السنة، وقد يقال: إن كلام أحمد يدل عليه.
والثاني: أنه يجوز أن يدخل جميعهم الجنة، ويجوز أن يدخل جميعهم النار. وهذا قول طائفة من المنتسبين إلى السنة، من أهل الكلام وغيرهم، من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13711أبي الحسن الأشعري وغيرهم.
والثالث: التفصيل، كما دل عليه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651295« الله أعلم بما كانوا عاملين» فمن علم الله منه أنه إذا بلغ أطاع أدخله الجنة، ومن علم منه أنه يعصي أدخله النار.
ثم من هؤلاء من يقول: إنه يجزيهم بمجرد علمه فيهم، كما يحكى عن
أبي العلاء القشيري المالكي.
والأكثرون يقولون: لا يجزي على علمه بما سيكون حتى يكون، فيمتحنهم يوم القيامة، ويمتحن سائر من لم تبلغه الدعوة في الدنيا، فمن أطاع حينئذ دخل الجنة ومن عصى دخل النار.
[ ص: 437 ]
وهذا القول منقول عن غير واحد من السلف من الصحابة والتابعين وغيرهم.
وقد روي به آثار متعددة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-
حسان يصدق بعضها بعضا، وهو الذي حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري في المقالات عن
أهل السنة والحديث، وذكر أنه يذهب إليه، وعلى هذا القول تدل الأصول المعلومة بالكتاب والسنة، كما قد بسط في غير هذا الموضع، وبين
أن الله لا يعذب أحدا حتى يبعث إليه رسولا.
والمقصود هنا الكلام على الأقوال المذكورة في تفسير هذا الحديث، وقد تبين ضعف قول من قال: الفطرة: الكفر والإيمان، وأن الإقرار كان من هؤلاء طوعا، ومن هؤلاء كرها.
ومما يضعف هذا القول طائفة أخرى بأن جميع أولئك كان إقرارهم جميعهم له بالربوبية من غير تفصيل بطوع وكره.