الوجه الثاني: أن يقال: لم قلت: إن ما هو بالقوة لا يخرجه فاعله بغير علة منفصلة؟ قوله: لأنه إن لم يكن لإخراجه سبب غير ذاته فيجب أن يكون مقارنا للذات، وإن كان له سبب غير ذاته لم تكن العلة الأولى مبدأ أولا على الحقيقة.
فيقال له: وأنت لم تجعل الأول مبدأ لوجود ما سواه، بمعنى أنه فاعل له مبدع، وإنما جعلته مبدأ بمعنى أنه محبوب معشوق. ومجرد كونه محبوبا معشوقا لا يوجب وجود المحب وذاته وصفاته وأفعاله. فليس الأول على ما ذكروه وحده مبدأ، بل ما ذكرته أبعد عن كونه مبدأ؛ لأن كونه فاعلا يتوقف فعله على شيء من غيره أقرب إلى كونه مبدأ، من كونه ليس إلا مجرد كونه محبوبا.