الوجه الثالث: أن يقال: ما تعني بقولك: إن كان ليس لإخراجه سبب غير ذاته؟ أتعني به ذاتا مجردة عن فعل يقوم بها، أم ذاتا موصوفة بفعل يقوم بها؟
[ ص: 289 ] فإن عنيت الأول، كان اللازم أن الذات المجردة عن الفعل ليست مبدأ أول، ولا علة أولى. وهم يلتزمون هذا،
فإن الذات المجردة من الفعل لا حقيقة لها عندهم، وهم يمنعون أن يكون الأول كذلك.
وإن عنيت الثاني، لم يلزم أن يكون المبدأ الأول بمبدأ أول؛ لأنه إذا كان مبدأ بما هو عليه من صفاته وأفعاله التي لا يحتاج فيها إلى غيره، كان هو المبدأ الأول من غير احتياج إلى غيره.