الوجه الرابع: أن يقال لك: نحن نشاهد حدوث الحوادث، وأنت تسمي ذلك إخراج ما بالقوة إلى الفعل، فلا بد حينئذ في حدوث الحوادث من إخراج ما بالقوة إلى الفعل، فمحدثها أخرج ما بالقوة إلى الفعل، والمحدث لإحداثه الذي جعله يخرج ما بالقوة إلى الفعل كذلك، وهلم جرا.
فإن قدرت مع هذا محدثا لفاعليته، غير مخرج ما بالقوة إلى الفعل، بطلت حجتك.
وإن جعلت الأول أخرج ما بالقوة إلى الفعل، بطل أيضا دليلك.
وإن ادعيت أن بعض الفاعلين يخرج ما بالقوة إلى ما بالفعل دون الآخر، بطل دليلك، فهو باطل على كل تقدير.
وذلك أنه يلزمه أحد أمرين، كلاهما يبطل قوله. فإنه إن أثبت فاعلا يخرج ما بالقوة إلى الفعل، من غير سبب من خارج، أمكن أن يكون الأول كذلك، فبطل قوله.
وإن لم يجوز أن يكون فاعلا يخرج ما بالقوة إلى الفعل إلا بسبب من خارج، لزمه أن يكون كل فاعل للحوادث لم يحدث فاعليته إلا بسبب أخرج ما بالقوة إلى الفعل: فإن كان الأول كذلك، لزم التسلسل الممتنع. وإن لم يكن كذلك، كان الأول مخرجا لما بالقوة إلى الفعل، من غير سبب من خارج، وذلك يبطل قوله.
[ ص: 293 ]
قال: فينبغي أن يسلم
لأرسطوطاليس أن العلة الأولى على غاية ما يمكن من التمام والكمال.