الوجه الخامس: أن يقال: القديم: إما أن يجوز أن يكون له إرادة، وإما ألا يجوز. فإن لم يجز، امتنع كون العالم قديما مريدا. وحينئذ فلا يبقى لكم حجة على إثبات المبدأ الأول، فإنكم إنما أثبتموه بأنه، معشوق للعالم المتحرك بالإرادة مع قدم العالم. فإذا امتنع كون القديم مريدا، لم يلزم أن يكون هناك معشوق قديم، فلا يبقى دليل على ثبوته. وإن جاز أن يكون القديم مريدا، جاز كون الأول مريدا، وبطل قولكم: إنه لا صنع إرادي للعلة الأولى.
فأنتم بين أمرين: إما سلب الإرادة عن العالم القديم، وإما إثباتها للأول القديم. وأيهما قلتم بطل قولكم ببطل قولكم، وسنتكلم إن شاء الله على فرقهم.