الوجه الحادي عشر: أنكم قلتم: (إن المحرك الأول إنما يحرك الفلك، لكون الفلك مشتاقا إليه) أي إلى التشبه به. وقلتم: (إن المشتاق إليه إنما تحرك بجهة طبعية لا إرادية؛ لأنه قد يمكن أن يكون المعشوق المتشوق إليه نائما أو غير ذي إرادة، وهو يحرك المشتاق إليه [ ص: 305 ] والعاشق له، إلا أنه ينبغي أن يترك أمر العلة الأولى في جوهرها وسائر أمورها على أفضل ما يمكن أن يكون وجود شيء عليه).
وأردتم تنزيهه أن يشبه بالنائم ونحوه، وأنتم وصفتموه بدون صفة النائم. فإن المحبوب الذي لم يشعر بمحبه لنومه يمكن أن يتنبه فيشعر به، ويمكن أن يحب محبه.
ومن المعلوم أن المحبوب الذي يمكن أن يعلم بمحبه، وأن يحبه، أكمل من النائم الذي لا يعلم به ولا يحبه. وأنتم قد قلتم: إنه لا يمكن أن يكون منه محبة لمحبه، ولا أثر، ولا فعل من الأفعال.
وقال
أرسطو وأكثركم: إنه لا شعور له بمحبة، بل قد يقولون: إنه لا شعور له بنفسه أيضا. فهل هذا إلا وصف له بدون صفة النائم ونحوه من الناقصين؟!