الوجه الخامس: قوله: بل ربما تتضاعف اعتباراتك المتعلقة بذاتك، وبتلك الصورة فقط، على سبيل التركب.
فيقال: تضاعف هذا الاعتبار هو الذي يريده من يقول بتضاعف الصور، فإن مقصودهم أن
العلم بالعلم بالشيء ليس هو العلم بالشيء. ثم كون العلم صورة المعلوم في العالم، أو إدراك الصورة، أو إدراكه بلا صورة، أو نسبة، أو غير ذلك- نزاع في حقيقة العلم.
والمقصود هنا أن علم العالم بالمعلوم ليس هو المعلوم، وهو يريد أن يقرر أن العلم بالمعلوم عين المعلوم، كما أن العلم بالعلم بالمعلوم هو نفس العلم المعلوم. وجوابه إما بالمنع، وإما بالفرق.
[ ص: 56 ]
فإن كان العلم بالعلم زائدا على العلم، منع الحكم في الأصل. وإن لم يكن زائدا، فالفرق حاصل. وهو يريد التسوية بين العلم بالعلم وبين العلم بالمعلوم.
ونقول: إذا كان ذاك المعلوم هو نفس العلم، فكل معلوم نفس العلم. وكلا المقدمتين ممنوعة، ولقد قدر أنه لم تنحل هذه الشبهة، فنحن نعلم علما ضروريا أن هذا سفسطة، وأن من جعل نفس المعلوم الموجود المخلوق، هو نفس علم العالم به، فهو مكابر جاحد للخالق.