الوجه الثاني عشر: أن يقال: وإذا كان هذا الحصول غير هذا الحصول، فأي مقصود يحصل لك بذلك؟ وأي دليل في ذلك على أن المعلولات -التي هي المخلوقات- إذا كانت حاصلة للخالق الذي خلقها، من غير أن يقوم به شعور بها أصلا، بل ذاته مع عدم العلم بها، كذاته مع وجود العلم بها، فيكون عالما بها من غير حلول شيء فيه؟
وقوله: فهو عاقل إياها، من غير أن تكون حالة فيه.
يقال له: لم يشترط أحد حلول ذواتها فيه، فإن كان هذا الشخص رد قول من أدخل فيه ما يماثلها في الحد والحقيقة، فنحن نساعده على ذلك، ولا حاجة إلى ما ذكره.
[ ص: 69 ] ولم يقل أحد من المسلمين: إن الله لا يعلم المخلوقات، حتى تحل في ذاته، أو يحل في ذاته ما هو مماثل في الحقيقة لهذه المخلوقات.
فإن كان في سلفه الملاحدة من قال نحو هذا، فدونه وإياه.
وأما سلفنا المسلمون فلم يقل أحد منهم شيئا من هذا.
وإن أراد بقوله: من غير أن تكون حالة فيه من غير أن يقوم به علم بها، بل يكون حال ذاته مع العلم بها، كحالها إذا قدر عدم العلم بها، فهذا باطل معلوم الفساد بالضرورة، وإذا أثبت علما بجميع المخلوقات، يتصف به الرب، غير المخلوقات المعلومة، حصل المقصود في هذا المقام، ويبقى المقام في تفصيل ذلك له مقام آخر.