الوجه السادس عشر: قوله: فإذن وجود المعلول الأول هو نفس تعقل الأول إياه، من غير احتياج إلى صورة مستأنفة تحل ذات الأول، تعالى عن ذلك.
فيقال له:
ليس كل أحد يقول: إنه يحتاج إلى صورة مستأنفة، بل من يقول: إنه يعلم الأشياء قبل وقوعها، وأن علمه بها بعد الوجود هو ذلك الأول، لا يقول: إنه تكون هناك صورة مستأنفة. فهؤلاء لا يلزمهم ما ذكرت.
فإن قلت: قول هؤلاء ضعيف؛ لأن العلم بأن الشيء سيكون، ليس هو العلم بأن قد كان.
[ ص: 76 ]
قلت لك: معلوم أن قولك: إن نفس علم الخالق هو نفس المخلوق، أشد امتناعا في العقل من هذا، فعجل العلم بأن سيكون هو العلم بأن قد كان، إن كان باطلا، فهو أقرب إلى العقل من جعل العلم نفس المخلوق. وإذا كان أقرب إلى العقل، كان التزامه -إن كان تجدد العلم محذورا- أولى من التزام ذاك، وإن لم يكن محذورا، التزم ذاك.