وكلما تدبر العاقل هذه المعاني ولوازمها، تبين له أن
كون علمه بنفسه يستلزم علمه بمخلوقه عند التصور التام هي من أعظم البديهيات، وعند النظر والاستدلال هي من أعظم القضايا التي تقوم عليها الأدلة النظرية.
ومما يبين ذلك أنه إذا كان عالما بنفسه، فإن قيل: هو يفعل المخلوقات ولا يشعر بأنه يفعل، فهذا يمتنع أن يكون شاعرا بنفسه، فإنه ما من عالم بنفسه يقدر أنه يفعل شيئا، إلا ولا بد أن يعلم أنه يفعله، بل لا بد أن يتصور مفعوله مع غفلته عن نفسه، فكيف مع علمه بنفسه؟
فهو يجب أن يعلم مفعوله من جهة علمه بنفسه، ومن جهة أنه يفعله بإرادته، كما تقدم التنبيه على الطريقين، بل العالم بنفسه لو حصل لنفسه حال من غيره لعلم به، وإلا لم يكن عالما بها، فكيف إذا كانت فاعلة؟!