وأما الكليات فتلك ليس لها في الخارج معلوم ثابت لا ينقسم، وإنما هذا على زعم من يضن أن الكليات موجودة كلية في الخارج، وهو معلوم الفساد بالضرورة، وهو من أصول ضلالهم في المنطق والإلهيات. وإنما هي في الذهن.
والكلي هو العام، واللفظ العام والمعنى العام يقوم بالجسم، كما يقوم اللفظ العام باللسان، وكما يقوم الشك المطلق والجسم المطلق واللون
[ ص: 296 ] المطلق في الخيال. وهذه كليات، وأفرادها موجودة في الخارج وهي تقوم بالجسم عندهم.
الجواب الخامس:
أن يقال: سريان العرض في محله بحسب محله. ومن المحال ما يقبل التفريق وتتفرق أعراضه مع بقائها، كما أن السواد والبياض القائم بالجسم يتفرق بتفرق محله، كالنور إذا قطع. ومن المحال ما إذا فرق زالت أعراضه. كالأشكال القائمة بالمشكل، فإذا فرق زال ذلك الشكل، فالاستدارة والتثليث والتربيع القائم بالجسم لا يبقى إذا فرق فأخرج عن ذلك الشكل إلى غيره. وقد تكون الحياة والحس والحركة الإرادية، والعلم والقدرة، وغير ذلك مشروطا بالشكل الخاص، أو غير ذلك من الأعراض.
ومن المحال ما لا يعقل تفريقه. ومن قال: إن النفس جسم لا يلتزم إمكان تفريقها، وأنها مركبة من الجواهر المفردة، أو من المادة والصورة، إلا إذا كان من القائلين بذلك.
وقد عرف أن جمهور الناس لا يقولون لا بهذا ولا بهذا، بل كثير من الطوائف النظار - أو أكثرهم -
كالهشامية، والنجارية، والضرارية، والكلابية، وطائفة من
الكرامية.
وإنما ادعى أنها مركبة من الجواهر المفردة من ادعاه من
المعتزلة والأشعرية، ومن وافقهم من
الكرامية وغيرهم.