الوجه التاسع عشر
أن هذه المعارضات مبنية على التركيب، وقد تقدمت الإشارة إلى بطلانه، وأما الاستدلال بحدوث الحركات والأعراض فنقول: قد أورد عليهم
الفلاسفة سؤالهم المشهور، وجوابهم عنه على أصلهم مما يقول جمهور العقلاء: إنه معلوم الفساد بالضرورة.
وذلك أنهم قالوا إذا كانت الأفعال جميعها حادثة بعد أن لم تكن فالمحدث لذلك إما أن يكون صدر عنه بسبب حادث يقتضي الحدوث، وإما أن لا يكون، فإن لم يكن صدر عنه سبب حادث يقتضي الحدوث لزم ترجيح الممكن بلا مرجح، وهو ممتنع في البديهة، وإن حدث عنه سبب فالقول في حدوث ذلك السبب كالقول في حدوث غيره، ويلزم التسلسل الممتنع فاتفاق العقلاء بخلاف التسلسل المتنازع فيه،
[ ص: 321 ] مع أن كلا النوعين باطل عند هؤلاء المتكلمين، فهم مضطرون في هذا الدليل إلى الترجيح بلا مرجح تام، أو إلى
القول بالتسلسل والدور، وكلاهما ممتنع عندهم.