وهو كما قال: فإنه لم يجد لمن تقدمه في ذلك مسلكا سديدا، لا عقليا ولا سمعيا. واعتبر ذلك بما ذكره
أبو المعالي في كتابه الذي سماه: " الإرشاد إلى قواطع الأدلة " وقد ضمنه عيون الأدلة الكلامية التي يسلكها موافقوه، وقد تكلم على هذا الأصل في موضعين من كتابه:
أحدهما: في
مسألة حدوث العالم، فإنه استدل بدليل الأعراض المشهور، وهو أن الجسم لا يخلو من الأعراض، وما لا يخلو عنها فهو حادث، وهو الدليل الذي اعتمدت عليه
المعتزلة قبله، وهو الذي ذمه
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر، وبين أنه ليس من طرق الأنبياء وأتباعهم، والدليل هو مبني على إثبات أربع مقدمات: الأعراض، وإثبات حدوثها، وأن الجسم لا يخلو منها، وإبطال حوادث لا أول لها، فلما صار إلى المقدمة الثالثة قال: "وأما الأصل الثالث -
[ ص: 189 ] وهو تبيين استحالة تعري الجواهر عن الأعراض - فالذي صار إليه أهل الحق: أن الجوهر لا يخلو عن كل جنس من الأعراض وعن جميع أضداده، لا كان له أضداد. وإن كان له ضد واحد لم يخل الجوهر عن أحد الضدين، وإن قدر عرض لا ضد له لم يخل الجوهر عن قبول واحد من جنسه".