وأما النوع الثاني فكاتفاقهم على أن
العاجز عن الفعل لا يطيقه، كما لا يطيق الأعمى والأقطع والزمن نقط المصحف وكتابته والطيران، فمثل هذا النوع قد اتفقوا على أنه غير واقع في الشريعة، وإنما نازع في ذلك طائفة من الغلاة المائلين إلى الجبر من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري، ومن وافقهم من الفقهاء من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وغيرهم، وإنما تنازعوا في جواز الأمر به عقلا، حتى نازع بعضهم في الممتنع لذاته، كالجمع بين الضدين والنقيضين: هل يجوز الأمر به من جهة العقل، مع أن ذلك لم يرد في الشريعة؟ ومن غلا فزعم وقوع هذا الضرب في الشريعة ـ كمن يزعم أن
أبا لهب كلف بأن يؤمن بأنه لا يؤمن ـ فهو مبطل في ذلك عند عامة أهل القبلة من جميع الطوائف، فإنه لم يقل أحد: إن
أبا لهب أسمع هذا الخطاب المتضمن أنه لا يؤمن، وإنه أمر مع ذلك بالإيمان، كما أن قوم
نوح لما أخبر
نوح عليه السلام: أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن، لم يكن بعد هذا يأمرهم بالإيمان بهذا الخطاب، بل إذا قدر أنه أخبر بصليه النار
[ ص: 64 ] المستلزم لموته على الكفر، وأنه سمع هذا الخطاب، ففي هذا الحال انقطع تكليفه، ولم ينفعه إيمانه حينئذ، كإيمان من يؤمن بعد معاينة العذاب، قال تعالى:
فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا [غافر: 85] ، وقال تعالى:
آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين [يونس: 91] .