فصل
وأما
قول عبد العزيز: "فقد ثبت أن ههنا إرادة، ومريدا، ومرادا. وقولا وقائلا، ومقولا له. وقدرة، وقادرا، ومقدورا عليه. وذلك كله متقدم قبل الخلق" فيحتمل أمرين:
أحدهما: أنه أراد بالمراد: المراد المتصور في علم الله، وبالمقدور عليه: الثابت في علم الله، وبالمقول له، المخاطب الثابت في علم الله المخاطب خطاب التكوين، كما قال تعالى:
[ ص: 289 ] إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون [ سورة يس: 82] وهذه معان ثابتة لله تعالى قبل وجود المخلوق، ولهذا اضطربت نفاة الصفات من
المعتزلة وغيرهم في هذه الأمور، فتارة يثبتونها في الخارج، وتارة ينفونها مطلقا. ومن هنا غلط من قال: "المعدوم شيء" فإنهم ظنوا أنه لما كان لا بد من تمييز ما يريده الله مما لا يريده ونحو ذلك، توهموا أن هذا يقتضي كون المعدوم ثابتا في الخارج. وليس الأمر كذلك، بل هي معلومة لله تعالى ثابتة في علم الله تعالى.
وضل آخرون في مقابلة هؤلاء
كهشام الفوطي فإنه ذكر عنه
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري في المقالات أنه كان يقول: "لم يزل الله عالما أنه واحد لا ثاني له، ولا يقول: إنه لم يزل عالما بالأشياء" وقال: "إذا قلت: لم يزل عالما بالأشياء، أثبتها لم تزل مع الله" وإذا قيل له: "أفتقول بأن الله لم يزل عالما بأن ستكون الأشياء؟ قال: إذا قلت بأن ستكون فهذه إشارة إليها ولا يجوز أن يشار إلا إلى موجود" وكان لا يسمى ما لم يخلقه ولم يكن شيئا.
[ ص: 290 ]
والثاني: أن يريد بذلك نفس الفعل المقدور المراد الذي يكون به المخلوق.