قال: "وحققوا زيادة تحقيق فقالوا: قد ورد في التنزيل أظهر مما ذكرناه من الأمر، وهو التعرض لإثبات كلمات الله، حيث قال تعالى:
وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته [ سورة الأنعام: 115] وقال:
ولولا كلمة سبقت من ربك [ سورة يونس: 19]، وقال تعالى:
قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي [ سورة الكهف: 109]، وقال تعالى:
ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله [ سورة لقمان: 17]، وقال تعالى:
ولكن حق القول مني [ سورة السجدة: 13]، وقال:
ولكن حقت كلمة العذاب [ سورة الزمر: 71] فتارة يجيء الكلام بلفظ الأمر، وتثبت له الوحدة الخالقية التي لا كثرة فيها:
وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر [ سورة القمر: 50]، وتارة يجيء بلفظ الكلمات وتثبت لها الكثرة البالغة التي لا وحدة فيها ولا نهاية لها
ما نفدت كلمات الله فله تعالى إذا أمر وكلمات كثيرة، وذلك لا يتصور إلا بحروف.
[ ص: 320 ]
فعن هذا قلنا: أمره قديم، وكلماته أزلية، والكلمات مظاهر الأمر، والروحانيات مظاهر الكلمات، والأجسام مظاهر الروحانيات، والإبداع والخلق إنما يبتدي من الأرواح والأجسام وأما الكلمات والحروف والأمر فأزلية قديمة،
وكما أن أمره لا يشبه أمرنا، فكلماته وحروف كلماته لا تشبه كلامنا، وهي حروف قدسية علوية، وكما أن الحروف بسائط الكلمات، والكلمات أسباب الروحانيات، والروحانيات مدبرات الجسمانيات، وكل الكون قائم بكلمات الله محفوظ بأمر الله".