والناس لهم في مسمى "الكلام" أربعة أقوال: أحدها: أنه اللفظ الدال على المعنى، والثاني أنه المعنى المدلول عليه باللفظ، والثالث: أنه مقول بالاشتراك على كل منهما، والرابع: أنه اسم لمجموعهما، وإن كان مع القرينة يراد به أحدهما، وهذا قول الأئمة وجمهور الناس، وحينئذ فمن أثبت هذه المعاني وقال: إن اسم "الكلام" يتناولهما بالعموم أو الاشتراك يمكنه إثبات قيام اللفظ والمعنى جميعا بالذات.
ثم من جوز تعلق ذلك بمشيئته وقدرته يمكنه أن لا يقول بالقدم، أو لا يقول بالقدم في الكلام المعين وإن قال بالقدم في نوع الكلام، ومن لم يجوز ذلك فمنهم طائفة يقولون بقدم الحروف، وطائفة تقول بقدم المعاني دون الحروف، وما به يستدل أولئك على حدوث الحروف كالتعاقب والمحل يعارضونهم بمثله في المعاني، فإنها بالنسبة إلينا متعاقبة، ولها محل لا يليق بالله تعالى. فإن
[ ص: 330 ] جاز أن تجعل فينا متعددة مع اتحادها في حق الله تعالى، وأن محلها منه ليس كمحلها منا: أمكن أن يقال في الحروف كذلك: إنها وإن تعددت فينا فهي متحدة هناك، وليس المحل كالمحل. وإذا قيل: "هي مرتبة فينا" قيل: فكذلك المعاني مرتبة فينا. فترتيب أحدهما كترتيب الآخر.