فإذا قيل:
لو قدر واجبان أو موجودان أو إنسانان لكان أحدهما يشابه الآخر في الوجوب أو الوجود أو الإنسانية لكان صحيحا، ولكان يمكن مع ذلك أنه يشابهه في الحقيقة كما يمكن أن يخالفه.
ثم هب أن كلا منهما فيه ما يشارك به غيره وما يتميز به عنه، فقوله: "إنه مركب مما به الاشتراك والامتياز" إن عنى بذلك أنه موصوف بالأمرين فصحيح، وإن عنى أن هناك أجزاء تركبت ذاته منها فهذا باطل، كقول من يقول: إن الإنسان مركب من الحيوانية والناطقية، فإنه لا ريب أنه موصوف بهما. وأما كون الإنسان المعين له أجزاء تركب منها فهذا باطل كما تقدم.
[ ص: 16 ]
ولو سلم أن مثل هذا يسمى تركيبا فقوله:
"كل مركب مفتقر إلى غيره" يدخل فيه ما ركبه المركب كالأجسام المركبة من مفرداتها من الأغذية والأدوية والأشربة ونحو ذلك، ويدخل فيه ما يقبل تفريق أجزائه كالإنسان والحيوان والنبات، ويدخل فيه ما يتميز بعض جوانبه عن بعض، ويدخل فيه الموصوف بصفات لازمة له، وهذا هو الذي أراده هنا.
فيقال له: حينئذ يكون المراد أن كل ما كان له صفة لازمة له فلا بد في ثبوته من الصفة اللازمة له. وهذا حق. وهب أنك سميت هذا تركيبا فليس ذلك ممتنعا في واجب الوجود، بل هو الحق الذي لا يمكن نقيضه.