وأما الجواب عن المعارضة بكون الرب عالما قادرا، فجوابه: أن
[ ص: 18 ] الواجب بذاته يراد به الذات الواجبة بنفسها، المبدعة لكل ما سواها، وهذا واحد. ويراد به: الموجود بنفسه الذي لا يقبل العدم.
وعلى هذا: فالذات واجبة، والصفات واجبة، ولا محذور في تعدد الواجب بهذا التفسير، كما لا محذور في تعدد القديم إذا أريد به ما لا أول لوجوده. وسواء كان ذاتا أو صفة لذات القديم، بخلاف ما إذا أريد بالقديم الذات القديمة الخالقة لكل شيء، فهذا واحد لا إله إلا هو، وقد يراد بالواجب الموجود بنفسه القائم بنفسه، وعلى هذا: فالذات واجبة دون الصفات.
وعلى هذا: فإذا قال القائل: الذات مؤثرة في الصفات، والمؤثر والأثر ذاتان. قيل له: لفظ التأثير مجمل، أتعني بالتأثير هنا: كونه أبدع الصفات وفعلها، أم تعني به كون ذاته مستلزما لها؟ فالأول ممنوع في الصفات، والثاني مسلم. والتأثير في المبدعات هو بالمعنى الأول، لا بالمعنى الثاني. بل قد بينا في غير هذا الموضع: أنه يمنع أن يكون مع الله شيء من المبدعات قديم بقدمه.