قال: "وليس لما يذكره الفيلسوف من جهة الفرق بين العلل والمعلومات والأزمنة والحركات قدح في الجمع، وهو قوله: إن ما لا ترتيب له وضعا، ولا آحاده موجودة معا - وإن كان ترتيبه
[ ص: 43 ] طبيعيا - فلا يمكن فرض جواز قبوله الانطباق، وفرض الزيادة والنقصان فيه، بخلاف مقابله، لأن المحصل يعلم أن الاعتماد على هذا الخيال في تناهي ذوات الأضلاع، وفيما له الترتيب الطبيعي وآحاده موجودة معا، ليس إلا من جهة إفضائه إلى وقوع الزيادة والنقصان بين ما ليسا بمتناهيين، وذلك إنما يمكن بفرض زيادة على ما فرض الوقوف عنده من نقطة ما من البعد المفروض، أو وحدة ما من العدد المفروض، وعند ذلك فلا يخفى إمكان فرض الوقوف على جملة من أعداد الحركات والنفوس الإنسانية المفارقة لأبدانها، وجواز فرض الزيادة عليها بالتوهم مما هو من نوعها، وإذ ذاك فالحدود المستعملة في القياس المذكور في محل الاستدلال بعينها مستعملة في صورة الإلزام، مع اتحاد الصورة القياسية من غير فرق.
وأيضا،
فليس كل جملتين تفاوتتا بأمر متناه تكونان متناهيتين، فإن عقود الحساب مثلا لا نهاية لأعدادها، وإن كانت الأوائل أكثر من الثواني بأمر متناه، وهذه الأمور - وإن كانت تقديرية ذهنية - فلا خفاء أن وضع القياس المذكور فيها على نحو وضعه في
[ ص: 44 ] الأمور الموجودة بالفعل، فلا تتوهمن الفرق واقعا من مجرد هذا الاختلاف.
والقول بأن ما زادت به إحدى الجملتين على الأخرى لا بد وأن تكون له نسبة إلى الثاني غير مسلم، ولا يلزم من قبول المتناهي لنسبة المتناهي إليه قبول غير المتناهي لنسبة المتناهي إليه".