قلت: والمقصود هنا التنبيه على
أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحق الموافق لصريح المعقول، وأن ما بينه من الآيات والدلائل والبراهين العقلية في إثبات الصانع سبحانه ومعرفة صفاته وأفعاله هو فوق نهاية العقول، وأن خيار ما عند حذاق الأولين والآخرين من الفلاسفة والمتكلمين هو بعض ما فيه، لكنهم يلبسون الحق بالباطل، فلا يأتون به على وجهه، كما أن طريقة
الاستدلال بحدوث المحدثات على إثبات الصانع الخالق هي طريقة فطرية ضرورية، وهي خيار ما عندهم، بل ليس عندهم طريقة صحيحة غيرها، لكنهم أدخلوا فيها من الاختلال والفساد ما يعرفه أهل التحقيق والانتقاد، الذين آتاهم الله الهدى والسداد. وقد بسط الكلام على هذه المطالب في غير هذا الموضع.
[ ص: 88 ]