فهل يقول عاقل: إنه يلزم من ثبوت ملازم الشيء ثبوت مناقضه ومعارضه!؟
ولكن صاحب هذا القول جعل العقليات كلها نوعا واحدا متماثلا في الصحة أو الفساد، ومعلوم أن السمع إنما يستلزم صحة بعضها الملازم له، لا صحة البعض المنافي له،
والناس متفقون على أن ما يسمى عقليات منه حق، ومنه باطل، وما كان شرطا في العلم بالسمع وموجبا فهو لازم للعلم به، بخلاف المنافي المناقض له، فإنه يمتنع أن يكون هو بعينه شرطا في صحته ملازما لثبوته، فإن الملازم لا يكون مناقضا، فثبت أنه لا يلزم من تقديم السمع على ما يقال: إنه معقول في الجملة القدح في أصله.
فقد تبين بهذه الوجوه الثلاثة فساد المقدمات الثلاث التي بنوا عليها تقديم آرائهم على كلام الله ورسوله.