قال
nindex.php?page=showalam&ids=13251ابن سينا: (إشارة)
كل موجود إذا التفت إليه من حيث ذاته، من غير التفات إلى غيره، فإما أن يكون بحيث يجب له الوجود في نفسه، أو لا يكون. فإن وجب فهو الحق بذاته، الواجب وجوده من ذاته، وهو القيوم، وإن لم يجب، لم يجز أن يقال: هو ممتنع بذاته بعد ما فرض موجودا، بل إن قرن باعتبار ذاته شرط مثل عدم علته صار ممتنعا، أو مثل شرط وجود
[ ص: 167 ] علته صار واجبا. وإن لم يقرن بها شرط -لا حصول علة ولا عدمها- بقي له من ذاته الأمر الثالث وهو الإمكان، فيكون باعتبار ذاته الشيء الذي لا يجب ولا يمتنع، فكل موجود إما واجب بذاته، وإما ممكن الوجود بحسب ذاته.
(إشارة) ما حقه في نفسه الإمكان فليس يصير موجودا من ذاته، فإنه ليس وجوده من ذاته أولى من عدمه، ومن حيث هو ممكن، فإن صار أحدهما أولى، فلحضور شيء أو غيبته، فوجود كل ممكن الوجود هو من غيره.
ثم قال: (تنبيه): إما أن يتسلسل ذلك إلى غير النهاية، فيكون كل واحد من آحاد السلسلة ممكنا في ذاته، والجملة معلقة بها، فتكون غير واجبة أيضا، وتجب بغيرها. ولنزد هذا بيانا.
[ ص: 168 ]
(شرح): كل جملة كل واحد منها معلول، فإنها تقتضي علة خارجة عن آحادها، وذلك لأنها إما أن تقتضي علة أصلا، فتكون واجبة غير معلولة، وكيف يتأتى هذا: وإنما تجب بآحادها؟ وإما أن تقتضي علة، هي الآحاد بأسرها، فتكون معلولة لذاتها، فإن تلك الجملة والكل شيء واحد. وأما الكل، بمعنى كل واحد، فليس تجب به الجملة. وإما أن تقتضي علة هي بعض الآحاد، وليس بعض الآحاد أولى بذلك من بعض، إن كان كل واحد منها معلولا، ولأن علته أولى بذلك، وإما أن تقتضي علة خارجة عن الآحاد كلها وهو الثاني.
(إشارة): كل علة جملة هي غير شيء من آحادها، فهي علة: أولا: للآحاد، ثم للجملة، وإلا فلتكن الآحاد غير محتاجة إليها. فالجملة إذا تمت بآحادها لم تحتج إليها، بل ربما كان شيء علة لبعض
[ ص: 169 ] الآحاد دون بعض، ولم يكن علة للجملة على الإطلاق.
(إشارة): كل جملة مترتبة من علل ومعلولات على الولاء، وفيها علة غير معلولة، فهي طرف، لأنها إن كانت وسطا فهي معلولة.
(إشارة): كل سلسلة مترتبة من علل ومعلولات -كانت متناهية أو غير متناهية- فقد ظهر أنها إذا لم يكن فيها إلا معلول، احتاجت إلى علة خارجة عنها، لكنها يتصل بها لا محالة طرف، فظهر أنه إن كان فيها ما ليس بمعلول، فهو طرف ونهاية، فكل سلسلة تنتهي إلى واجب الوجود بذاته.