الوجه الثاني: أن
مجموع المعلولات الممكنة إما أن يكون واجبا بنفسه، وإما أن يكون ممكنا. وإذا كان ممكنا فالمقتضي له إما نفسه أو جزؤه أو أمر خارج عنه.
أما كون مجموع المعلولات الممكنات واجبا بنفسه فهو معلوم الفساد بالضرورة، لأن المجموع إما كل واحد واحد من الأفراد، وإما الهيئة الاجتماعية، وإما مجموعهما، وكل من ذلك ممكن.
فإذا ليس الأفراد ممكنة، وكل منها معلول، ولو قدر ما لا غاية له،
[ ص: 245 ] والمعلول من حيث هو معلول لا بد له من علة، فكل منها لا بد له من علة، وتعاقب معلولات لا تتناهى لا يمنع أن يكون كل منها محتاجا إلى العلة، فإذا لم يكن ثم مجموع إلا هذه الآحاد التي كل منها معلول محتاج، لزم أن لا يكون في الوجود إلا ما هو معلول محتاج، ومن المعلوم بالضرورة أن المعلول المحتاج لا يوجد بنفسه.
فعلى هذا التقدير لا يكون في الوجود ما يوجد بنفسه، وما لا يوجد بنفسه لا يوجد إلا بموجد، والموجد إذا لم يكن موجودا بنفسه كان مما لا يوجد بنفسه فلا يوجد، فيلزم أن لا يوجد شيء، وقد وجدت الموجودات، فيلزم الجمع بين النقيضين: وهو أن لا يكون شيء من الموجودات موجودا، إذا قدر أنه ليس فيها شيء موجود بنفسه، وهي كلها موجودة، فلا بد من غير موجود بنفسه. فيكون الموجود موجودا بنفسه، غير موجود بنفسه، وهو جمع بين النقيضين.