وما ذكره من ذكره من أهل الفلسفة والكلام في
مسألة حدوث العالم وغيرها من أن التقدم ينقسم إلى تقدم بالذات والعلية، وقد يسمى الأول تقدما بالعلية، والثاني تقدما بالذات، كتقدم العلة على المعلول، وتقدم بالطبع، كتقدم الواحد على الاثنين.
وفرقوا بينهما بأنه في الأول يكون المتقدم فاعلا للمتأخر، وفي الثاني يكون شرطا فيه، ومثلوا الأول بتقدم حركة اليد على حركة الخاتم والكم، فإنك تقول: تحركت يدي فتحرك الخاتم فيها، فزمانهما واحد مع العلم بأن الأول متقدم على الثاني، وينقسم إلى التقدم بالزمان وبالرتبة الحسية أو العقلية.
وزاد طائفة -منهم
nindex.php?page=showalam&ids=14592الشهرستاني والرازي ومن اتبعهما- تقدما آخر بمطلق الوجود، وجعلوا التقدم بعض أجزاء الزمان على بعض
[ ص: 296 ] منه، فيجيب عنه من يوافق جمهور العقلاء بأن التقدم المعقول إنما هو التقدم بالزمان، أو تقدير الزمان على النزاع المعروف في هذا الموضع.
وأما التقدم بالمكان والمرتبة فهو تابع لهذا لما كان المتقدم في المكان يتحرك قبل حركة المتأخر، كتحرك الإمام قبل المأموم، والأمير قبل المأمور.
وأما التقدم بالعلية فإن عني به هذا، وإلا فلا حقيقة له، فلا تعقل علة تامة تكون هي بسائر أجزائها مقارنة لمعلولها أصلا.
وقول القائل: تحركت يدي فتحرك الخاتم، ليس هو من تقدم الفاعل على المفعول، فإن حركة اليد ليست هي الفاعل لحركة الخاتم، لكن هي شرط فيها، فلا توجد حركة الخاتم التابعة لحركة اليد إلا بشرط وجود حركة اليد التي هي متبوعة، كما أن حركة الأصابع لا توجد إلا بحركة الكف.