قيل في الجواب: أما من سلك المسلك الأول فجوابه من وجوه:
أحدها: أن يقال: فإذا كانت الأدلة السمعية المأخوذة عن الأنبياء دلت على صحة هذه الطريق وصحة مدلولها، وعلى نفي ما تنفونه من الصفات، فحينئذ تكون الأدلة السمعية المثبتة لذلك عارضت هذه الأدلة، فيكون السمع قد عارضه سمع آخر، وإن كان أحدهما موافقا لما تذكرونه من العقل.
[ ص: 105 ]
وحينئذ فلا تحتاجون أن تبنوا دفع السمعيات المخالفة لكم على هذا القانون الذي ابتدعتموه، وجعلتم فيه آراء الرجال مقدمة على ما أنزل الله وبعث به رسله، وفتحتم بابا لكل طائفة، بل لكل شخص، أن يقدم ما رآه بمعقوله على ما ثبت عن الله ورسوله، بل
قررتم بهذا أن أحدا لا يثق بشيء يخبر به الله ورسوله إذ جاز أن يكون له معارض عقلي لم يعلمه المخبر، ولهذا كان هذا القانون لا يظهره أحد من الطوائف المشهورين، وإنما كان بعضهم يبطنه سرا، وإنما أظهر لما ظهر كلام الملاحدة أعداء الرسل.