الوجه الثاني: أن هذا باطل على كل قول. أما على قول نظار السنة الذين يقولون: وجود كل شيء في الخارج عين حقيقته فظاهر. وأما على قول القائلين بأن المعدوم شيء، المفرقين بين الوجود والثبوت، فإنهم لا يقولون ذلك إلا في المعدوم، لا يقولون: إن الموجود القديم ثبوته يقبل الوجود والعدم، بل قد يقولون: إن ماهية القديم مغايرة لوجوده، لكن لا يقولون: إنها تقبل الوجود والعدم. ففي الجملة
[ ص: 340 ] لا يتصور عندهم ماهية مستلزمة للوجود تقبل الوجود والعدم.
وأما على
قول متأخري الفلاسفة الذين يجعلون وجود الممكنات زائدا على ماهياتها، فتلك الماهيات إنما تتحقق في حال الوجود، لا يمكن تجردها عن الوجود، فلا يتصور أن يكون عندهم ماهية هي نفسها تقبل الوجود والعدم، فإثبات ماهية تقبل الوجود والعدم -وهي مع ذلك مستلزمة للوجود- ليس قول أحد من الطوائف.