ففي الجملة
كل عاقل مضطر إلى إثبات موجود واجب بنفسه، له [ ص: 362 ] حقيقة يختص بها عما سواه من غير مخصص مباين له خصصه بتلك الحقيقة.
ومن قال: إن واجب الوجود هو الوجود المطلق بشرط الإطلاق، أو لا بشرط.
فيقال له: هذا القول وإن كان فساده معلوما بالاضطرار، كما بين في موضعه، قول متناقض، وهو مستلزم أنه مختص عن غيره بما يخصه.
وذلك أن المطلق لا يوجد في الخارج مطلقا، ولا يوجد إلا مقيدا بقيد من القيود.
فإذا قيل: موجود واجب، قيده بالوجوب، فلم يبق مطلقا.
وإن قال: ليس بواجب، قيده بسلب الوجوب، فلم يكن مطلقا.
وإن ادعى وجود موجود لا واجب ولا غير واجب، لزمه رفع النقيضين جميعا، وهو أظهر الأمور الممتنعة في بديهة العقل.
ثم إنه يقيده بكونه مبدأ لغيره، وبكونه عاقلا ومعقولا وعقلا، وعاشقا ومعشوقا وعشقا، وغير ذلك من الأمور المقيدة المخصصة التي يمتاز بها عن غيره، ولا يكون وجودا مطلقا.