وأئمة أهل السنة والحديث من أصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم، يثبتون الصفات الخبرية لكن منهم من يقول: لا نثبت إلا ما في القرآن والسنة المتواترة، وما لم يقم دليل قاطع على إثباته نفيناه، كما يقوله
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل وغيره أحيانا، ومنهم من يقول: بل نثبتها بأخبار الآحاد المتلقاة بالقبول، ومنهم من يقول: نثبتها بالأخبار الصحيحة مطلقا، ومنهم من يقول: يعطى كل دليل حقه، فما كان قاطعا في الإثبات قطعنا بموجبه، وما كان راجحا لا قاطعا قلنا بموجبه، فلا
[ ص: 384 ] نقطع في النفي والإثبات إلا بدليل يوجب القطع، وإذا قام دليل يرجح أحد الجانبين بينا رجحان أحد الجانبين، وهذا أصح الطرق.
وكثير من الناس قد يظن صحة أحاديث، فإما أن يتأولها، أو يقول: هي مثل غيرها من الأخبار، وتكون باطلة عند أئمة الحديث.
ومن الأخبار ما يكون ظاهره يبين المراد به، لا يحتاج إلى دليل يصرفه عن ظاهره، ولكن يظن قوم أنه مما يفتقر إلى تأويل، كقوله:
«الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه».
فهذا الخبر لو صح عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ظاهره أن الحجر صفة لله، بل صريح في أنه ليس صفة لله
لقوله:«يمين الله في الأرض» فقيده في الأرض، ولقوله:
«فمن صافحه فكأنما صافح الله»، والمشبه ليس هو المشبه به، وإذا كان صريحا في أنه ليس صفة لله لم يحتج إلى تأويل يخالف ظاهره، ونظائر هذا كثيرة مما يكون في الآية
[ ص: 385 ] والحديث ما يبين أنه لم يرد به المعنى الباطل، فلا يحتاج نفي ذلك إلى دليل منفصل ولا تأويل يخرج اللفظ عن موجبه ومقتضاه.
وإذا كان كذلك فالمعارضة بالصفات ثابتة على كل قول من الأقوال الثلاثة، إذ لا بد فيها من اختصاص، فإن كان كل مختص يفتقر إلى مخصص مباين، لزم افتقار صفات الله تعالى إلى مباين له.