ومما اعترف به
nindex.php?page=showalam&ids=13170ابن رشد -وغيره من الفلاسفة والمتكلمين- وقال عن إخوانه الفلاسفة: إن الذي يتمسكون به سببان:
أحدهما: أن فعل الفاعل يلزمه التغير وإن كل متغير فله مغير.
والثاني: أن القديم لا يتغير بضروب من ضروب التغير.
وقال: وهذا كله عسير البيان.
قلت: وهذا المقام -وهو حدوث الحوادث عن ذات لا
[ ص: 413 ] يقوم بها حادث- مما اعترف حذاقهم بصعوبته وبعده عن المعقول، كما ذكر ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=13170ابن رشد والرازي وغيرهما، وهؤلاء المتفلسفة
يقولون: إن النفس المحركة للأفلاك يحدث لها تصورات وإرادات هي مبدأ الحركة، وإن محركها العقل الذي يريد التشبه به، أو واجب الوجود الذي يطلب الفلك التشبه به بإخراج ما فيه من الأيون والأوضاع، وتحريك الواجب أو العقل للفلك أو لنفس الفلك، كتحريك المحبوب للمحب والمشتهى للمشتهي، والمعشوق للعاشق، ليس من جهة المحرك فعل أصلا، بل ذلك يحبه فيتحرك تشبها به.
وبهذا أثبت
أرسطو وأتباعه العلة الأولى، وأن فوق الأفلاك ما يوجب تحريك الأفلاك.
والكلام على هذا من وجوه ليس هذا موضع بسطها، لكن يقال: كون الفلك يتحرك للتشبه بالواجب أو إخراج ما فيه الأيون والأوضاع، كلام لا دليل عليه، بل الأدلة الدالة على فساده كثيرة ليس هذا موضعها.
[ ص: 414 ] فنقول: هب أن الأمر كذلك، فهذا إنما فيه أنه أثبت العلة الغائية للحركة.
فيقال: أين السبب الفاعل لحركة الفلك؟ فإن الحركة، وإن افتقرت إلى غاية مقصودة، فتفتقر إلى مبدأ فاعل بالضرورة.
فإذا قالوا: نفسه تحركه.
قيل لهم: فما الفاعل لما يحدث في النفس من أسباب الحركة، كالتصورات والإرادات؟ فإن هذه كانت معدومة ثم وجدت بعد العدم، فما السبب الفاعل لهذه الحركة.
فإن قالوا: النفس هي الفاعلة لهذه الحركة، فقد جعلوها متحركة من نفسها، وهذا خلاف ما قالوه.
وإن قالوا شيئا غيرها. قيل لهم: الكلام فيه كالكلام في النفس، فإنه إن حدث فيه ما لم يحدث سئل عن سبب ذلك.
وإن قيل: بل المحدث لحركة النفس على حال واحدة أزلا وأبدا.
قيل لهم: فقد لزمكم حدوث حادث بلا سبب، وقيل لكم: ذلك المحرك للنفس، إن كان علة في الأزل وجب وجود معلوله في الأزل، فيجب وجود ما حدث للنفس من التصورات والإرادات في الأزل، وهذا جمع بين النقيضين.