وإذا كان
سبحانه قادرا على أن يثبت هذه الصفات -صفات الكمال- لما كان جمادا من مخلوقاته ، وكان كل مخلوق يقبل ذلك بقدرة الله تعالى فهو أحق بقبول ذلك ، بل بوجوبه له ، إذ ما كان ممكنا في حقه من صفات الكمال كان واجبا ، فإنه لا يستفيد صفات الكمال من غيره ، بل هو مستحق لها بذاته ، فهي من لوازم ذاته .
وهذا فصل معترض ذكرناه تنبيها على تقصير من يقصر في الاستدلال على الحق الذي قامت عليه الدلائل اليقينية العقلية مع
[ ص: 40 ] السمعية ، مع مدافعتهم لما دلت عليه دلائل السمع والعقل ، وإن كنا لا نظن بمسلم بل بعاقل أن يتكلم في جهة الربوبية بما يراه تقصيرا، ولكن لا يخلو صاحب هذه الطريق من عجز أو تفريط ، وكلاهما يظهر به نقصه عن حال السلف والأئمة الموافقين للشرع والعقل ، وأنهم كانوا فوق المخالفين لهم في هذه المطالب الإلهية والمعارف الربانية .
وهذه الحجة التي صدر بها
nindex.php?page=showalam&ids=14552الآمدي وزيفها هي الحجة التي اعتمد عليها
الكلابية والأشعرية ، ومن وافقهم من
السالمية ، والفقهاء من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيرهم ،
nindex.php?page=showalam&ids=14953كالقاضي أبي يعلى، nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل ،
nindex.php?page=showalam&ids=12737وابن الزاغوني ، وغيرهم. وهي مبنية على مقدمتين: أن القابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده . وأكثر الناس ينازعونهم في ذلك ، بل جميع الطوائف من أهل النظر والأثر ينازعونهم ،
كالمعتزلة والكرامية والشيعة والمرجئة وأهل الحديث والفقهاء والصوفية والفلاسفة .
والثانية : على امتناع تسلسل الحوادث. والنزاع فيها مشهور بين جميع الطوائف .