قال
nindex.php?page=showalam&ids=14552الآمدي: "الوجه الرابع : هو أن من مذهبهم
أن الرب متحيز ، وأنه مقابل للعرش وأكبر منه، وليس مقابلا لجوهر فرد من العرش . وقد قالوا : بأن العرض الواحد لا يقوم بجوهرين ، والصفة الحادثة في ذات الله تعالى وهي القول أو
[ ص: 105 ] الإرادة ، كما هو مذهبهم ، يوجب قيامها مع اتحادها بجزأين فصاعدا ، وهو مناقض لمذهبهم" .
قلت : ولقائل أن يقول : قولهم : إن العرض لا يقوم بجوهرين ، مع قولهم بقيام القول والإرادة بالله تعالى ، أمر لا يختص بمسألة حلول الحوادث ، فإن العلم والقدرة والمشيئة القديمة قائمة عندهم بذات الله تعالى ، فالقيام بذاته لا يفترق الحال فيه بين أن يكون قديما أو حادثا ، من جهة كونه صفة واحدة قامت بجزأين ، بل هذا بحث يتعلق بمسألة الصفات مطلقا، ولها موضع آخر .
وأيضا فيقال : إذا كان من مذهبهم أن الرب متحيز ، كما حكاه عنهم ، مع أن
ابن الهيصم وغيره منهم ينكر أن يكون متحيزا ، فما ذكر من حجة
المعتزلة عليهم غايتها إلزامهم إذا قامت به الصفات والحوادث أن يكون متحيزا ، فإذا كانوا ملتزمين لذلك كان هذا طرد قولهم ، ويبقى البحث ليس هو في هذه المسألة ، بل يبقى الكلام مع
المعتزلة يعود إلى مسألة التحيز .
والكلام إذا عاد إلى أصل واحد ، كان الكلام فيه أخف ، مع
[ ص: 106 ] أنهم يمكنهم أن يلزموا
المعتزلة بقيام الحوادث به، وإن لم يكن متحيزا، إذا كان لكل من المسألتين مأخذ يخصه وبينهما اتفاق وافتراق .
وأيضا فإن ذكر قولهم في العرش ههنا لا يظهر له وجه ، إلا أن يقال : هم يقولون بالتحيز ، والمتحيز مركب من الجواهر المنفردة ، والعرض الواحد لا يقوم بجوهرين ، فلا تقوم به إرادة ولا قول .
وهذا القول إن توجه كان سؤالا عليهم في أصل إثبات الصفات لله، سواء كانت قديمة أو حادثة ، لا يختص هذا بمسألة حلول الحوادث .
والكرامية لهم في إثبات الجوهر الفرد قولان: فمن نفى ذلك لم يلزمه هذا الإلزام ، ومن أثبته كان جوابه عن هذا كجواب غيره من الصفاتية في الصفات القائمة بالملائكة والآدميين وغيرهم ، وكان لهم أيضا أجوبة أخرى ، كما قد بسط الكلام على ذلك في غير هذا الموضع .