الوجه الثالث : أن
ما ذكروه معارض بقيام هذه الصفات في الإنسان ، فإن الإنسان تقوم به الحياة والقدرة والحس ، ولم نذكر العلم ، ولا نحتاج أن نقول -كما قالت
المعتزلة : إن الأعراض المشروطة بالحياة إذا قامت بجزء في الجملة عاد حكمها إلى جميع الجملة ، بل نذكر من الأعراض ما يعلم قيامه بالبدن الظاهر كالحياة والحس والحركة والقدرة ، فإن هذا التقسيم الذي ذكروه يرد عليه ، فإنه إن قيل : إن كل جزء من أجزائه متصف بهذه الصفات لزم تعدد الإنسان، وإن كان المتصف بجملتها بعض الأجزاء فلا أولوية ، ولزم أن لا يتعدى حكم الصفة محلها .
والتقدير أن ظاهر البدن كله حي حساس ، وإن قيل: كل واحد يختص بصفة ، فهو معلوم الفساد بالضرورة مع أنه لا أولوية .
[ ص: 191 ]
وإن قيل : تقوم الصفة الواحدة بالجملة لزم قيام الواحد بالمتعدد ، فإذا كان هذا التقسيم واردا على ما يعلم قيام الصفات به، لم ينف قيامها به، علم أنها حجة باطلة .