nindex.php?page=showalam&ids=12816وابن عربي ادعى ما هو أعظم من النبوة عنده، وهو ختم الولاية. [ ص: 23 ]
وخاتم الأولياء عنده أفضل من خاتم الأنبياء في العلم بالله، وهو يقول: إن جميع الأنبياء والرسل يستفيدون من مشكاة هذا الخاتم المدعي معرفة الله التي حقيقتها وحدة الوجود، وهي تعطيل الصانع سبحانه، التي هي سر قول
فرعون.
وأما أئمة
القرامطة والإسماعلية كابن الصباح، الذين تلقوا أركان الدعوة عن
المستنصر أطول خلفائهم مدة، وفي زمنه كانت فتنة
البساسيري وأمثاله، وأما
سنان وأمثاله من الملاحدة فتظاهروا بإظهار الكفر بين أصحابهم، وقالوا: قد أبحنا لكم كل ما تشتهونه من فرج ولحم وشراب، ونسخنا عنكم العبادات، فلا صوم ولا صلاة ولا حج ولا زكاة.
[ ص: 24 ]
وهذه الحجة التي احتج بها هؤلاء الملاحدة على
نفاة الصفات لإثبات إلحادهم هي من حجج أهل الإثبات عليهم لإثبات إيمانهم، فإن الله سبحانه أخبر أنه:
أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله [سورة التوبة: 33] وقال تعالى:
كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم [سورة إبراهيم: 1].
وقال تعالى:
قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم [سورة المائدة: 15 -16]، وقال تعالى:
وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض [سورة الشورى: 52 – 53]، وقال تعالى:
الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين [سورة البقرة: 1-2]، وقال تعالى:
ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء [سورة النحل: 89]، وقال تعالى:
ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء [سورة يوسف: 111]، وقال تعالى:
قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا [سورة النساء: 174]، وقال تعالى:
فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون [ ص: 25 ]
[سورة الأعراف: 157]، وقال تعالى:
وما على الرسول إلا البلاغ المبين [سورة العنكبوت: 18]، وقال تعالى:
وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم [سورة النحل: 44]، وقال تعالى:
اليوم أكملت لكم دينكم [سورة المائدة: 3]، وقال تعالى:
وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون [سورة التوبة: 115].
وأمثال هذه النصوص التي تبين أن
الرسول هدى الخلق وبين لهم، وأنه أخرجهم من الظلمات إلى النور، لا أنه لبس عليهم وخيل، وكتم الحق فلم يبينه ولم يهد إليه، لا للخاصة ولا للعامة، فإنه من المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتكلم مع أحد بما يناقض ما أظهره للناس، ولا كان خواص أصحابه يعتقدون فيه نقيض ما أظهره للناس، بل كل من كان به أخص وبحاله أعرف، كان أعظم موافقة له وتصديقا له على ما أظهره وبينه، فلو كان الحق في الباطن خلاف ما أظهره للزم إما أن يكون جاهلا به أو كاتما له عن الخاصة والعامة، ومظهرا خلافه للخاصة والعامة.