وإذا عرف أن هذا مقصوده فاعلم أن هذه الحجة يصوغها بعبارات متنوعة، والمعنى واحد، كما صاغها
nindex.php?page=showalam&ids=14552الآمدي في "دقائق الحقائق" في
[ ص: 109 ] الفلسفة، فقال: "الفصل الثاني في
وحدانية واجب الوجود، وأنه لا ضد له، ولا ند، وأنه قديم أزلي، أما أن واجب الوجود واحد لا تعدد فيه ولا اشتراك، فذلك لأن مسمى واجب الوجود لو كان مشتركا بين شيئين، فالشيئان: إما متفقان من كل وجه، أو مختلفان من كل وجه، أو متفقان من وجه دون وجه، فإن اتفقا من كل وجه فلا تعدد، إذ التعدد دون مميز محال، وإن اختلفا من كل وجه فمسمى
[ ص: 110 ] واجب الوجود لا اشتراك فيه، وهو خلاف الفرض، وإن اتفقا من وجه دون وجه، فما به وقع الافتراق: إن كان هو مسمى واجب الوجود، فلا اشتراك فيه أيضا، وإن كان غيره فمسمى واجب الوجود يكون مشتركا بينهما، وعند ذلك فإما: أن يتم تحقق مسمى واجب الوجود في كل واحد من الشيئين بدون ما به التخصص والتمايز أو لا يتم دونه. الأول محال، وإلا كان الأمر المطلق المشترك متخصصا في الأعيان بدون ما به التخصص، وهو محال، والثاني يتوجب أن يكون مسمى واجب الوجود مفتقرا إلى أمر خارج عن المفهوم من اسمه، فلا يكون واجبا لذاته، وقد قيل: إنه واجب لذاته. وهذه المحالات إنما لزمت من القول بالاشتراك في مسمى واجب الوجود، فلا اشتراك فيه، فإذا واجب الوجود لا تعدد فيه، بل نوعه منحصر في شخصه".
قال: "والناظر المتبحر يزداد بإمعان النظر في هذه الحجة المحررة والبحث فيها مع نفسه وضوحا وجلاء، فإن ما طول به من التشكيكات وأنواع التخيلات على غيرها من الحجج المذكورة في هذا الباب، فلا اتجاه له ههنا".
هذا قوله هنا، وهذه الحجة هي [التي] ذكرها
nindex.php?page=showalam&ids=14552الآمدي عنهم وعن بعض أصحابه في كتاب "أبكار الأفكار" واعترض عليها باعتراضين سبقه إلى أحدهما
الرازي في "شرح الإشارات" وهو أن
[ ص: 111 ] الوجوب أمر سلبي لا ثبوتي، فلا يتم الدليل حينئذ، والثاني أن هذه الحجة منتقضة بوجود الله سبحانه مع وجود الممكنات، فإنهما اتفقا في مسمى الوجود، وامتاز كل منهما عن الآخر بتعينه، فإما أن يكون المطلق مع المعين لازما أو ملزوما، أو عارضا أو معروضا. واعترض الرازي باعتراض ثالث، وهو أنه منع كون التعين وصفا ثبوتيا، كما منع كون الوجوب وصفا ثبوتيا.