وكذلك
الرازي يحتج بمثل هذه كثيرا مع أنه ينقضها كثيرا، كما قال في "ملخصه" حكاية عن المتفلسفة: "أما الكلي العقلي، فالمشهور أن الصورة الذهنية - أي وجوده بما هو هو في الذهن فقط لا في الخارج - قالوا في بيان ذلك:
إن الأمر الموصوف بالكلية موجود: إما في الذهن، وإما في الخارج، وإلا لكان عدما صرفا، ولو كان كذلك لاستحال أن يكون مشتركا فيه بين كثيرين، ومحال أن يكون موجودا في الخارج، لأن كل موجود في الخارج فهو مشخص معين، ولا شيء من المشخص المعين بمشترك فيه بين كثيرين، ينتج لا شيء من الموجود في الخارج بمشترك فيه بين كثيرين، وكل كلي مشترك فيه بين
[ ص: 126 ] كثيرين، فلا شيء من الموجود في الخارج بكلي، ولما بطل كون الكلي موجودا في الخارج، تعين كونه موجودا في الذهن، فهذا الكلام الذي ذكره
الرازي وحكاه عن الحكماء هنا، كلام صحيح. ولو التزموا موجبه لم يقولوا: إن في الخارج شيئا مشتركا كليا، ولا أن الإنسانية الكلية موجودة في الخارج، ولا أن الواجبين أو الموجودين إذا اشتركا في مسمى الوجود والوجوب، كان ذلك المشترك الكلي متحققا في الخارج، واحتاج حينئذ إلى ما به الامتياز.