صفحة جزء
وقوله وإن كان باطلا فقولهم أفسد منه، وإن كانا يشربان من عين واحدة، وهو اشتباه ما في الأذهان بما في الأعيان. وكذلك الذين أثبتوا الأحوال في الخارج، وقالوا: هي لا موجودة ولا معدومة، شربوا أيضا من هذه العين، وكذلك من ظن اتحاد العالم بالمعلوم، والمحب بالمحبوب، والعابد بالمعبود،، كما وقع لأهل الاتحاد المعين، قد شرب من هذه العين المرة المالحة أيضا، وكذلك من قال بالاتحاد المطلق تصور وجودا مطلقا في نفسه، فظن أنه في الخارج، فهؤلاء كلهم شربوا من عين الوهم والخيال، فظنوا أن ما يكون في وهمهم وخيالهم هو ثابت في الخارج.

هذا وهم ينكرون على أهل العقول السليمة والفطر المستقيمة إذا [ ص: 128 ] أنكروا وجود قائم بنفسه موجود لا داخل العالم ولا خارجه، ولا يشار إليه، ويزعمون أن نفي هذا من حكم الوهم والخيال التابع للحس، فإذا طولبوا بدليل يدل على إمكان وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه، كان ملجؤهم وغياثهم هي هذه الكليات، كما فزع إليها ابن سينا ومن أخذ ذلك عنه، الرازي وأتباعه مثل الأصبهاني وغيره.

التالي السابق


الخدمات العلمية