والحجة التي ذكرها nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن الجهم أنه احتج بها على السمنية، هي من أعظم حجج هؤلاء النفاة الحلولية منهم، ونفاة الحلول والمباينة جميعا، فإن النفاة تارة يقولون بالحلول والاتحاد أو نحو ذلك، وتارة يقولون: لا مباين للعالم، ولا داخل فيه.
والشخص الواحد منهم يقول هذا تارة، وهذا تارة، فإنهم في حيرة، والغالب على متكلميهم نفي الأمرين، والغالب على عبادهم وفقهائهم وصوفيتهم وعامتهم الحلول، فمتكلموهم لا يعبدون شيئا، ومتصوفتهم يعبدون كل شيء.
[ ص: 170 ] والحلول نوعان: حلول مقيد، وحلول مطلق.
فالحلول المقيد هو قول النصارى ونحوهم من غلاة
الرافضة، وغلاة العباد، وغيرهم، يقولون: إنه حل في
المسيح أو اتحد به، وحل بعلي أو اتحد به، وأنه يتحد بالعارفين حتى يصير الموحد هو الموحد، ويقولون:
ما وحد الواحد من واحد ... إذ كل من وحده جاحد
توحيد من يخبر عن نعته ... عارية أبطلها الواحد
توحيده إياه توحيد ... ونعت من ينعته لاحد
وهؤلاء الذين حكى nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد قولهم أنهم يقولون: "إذا أراد الله أن يحدث أمرا دخل في بعض خلقه، فتكلم على لسانه" وقد رأيت من هؤلاء غير واحد ممن خاطبني، وتكلم معي في هذا المذهب، وبينت له فساده.
وأما أهل الحلول المطلق الذين يقولون: إنه حال في كل شيء، أو متحد بكل شيء، أو الوجود واحد، كأصحاب "فصوص الحكم" وأمثالهم، فهؤلاء يقولون: أخطأ النصارى من جهة أنهم خصصوا، وكذلك يقولون في عباد الأصنام خطؤهم من جهة أنهم خصصوا بعض الأشياء فعبدوها.
وقد رأيت من هؤلاء أيضا غير واحد، وجرت بيننا وبينهم محنة معروفة.