وأيضا فالشاهد إذا صرح بتكذيب معدليه لم يكن تكذيب المعدل من عدله في قضية معينة مستلزما للقدح في تعديله، لأنه يقول: كان عدلا حين زكاني، ثم طرأ عليه الفسق، فصار يكذب بعد ذلك، ولا ريب أن العدول إذا عدلوا شخصا، ثم حدث ما أوجب فسقهم، لم يكن ذلك قادحا في تعديلهم الماضي، كما لا يكون قادحا في غير ذلك من شهاداتهم.
[ ص: 144 ]
فتبين أن تمثيل
معارضة الشرع للعقل بهذا ليس فيه حجة على تقديم آراء العقلاء على الشرع بوجه من الوجوه.
وأيضا فإذا سلم أن هذا نظير تعارض الشرع والعقل فيقال: من المعلوم أن الحاكم إذا سمع جرح المعدل وتكذيبه لمن عدله في بعض ما أخبر به لم يكن هذا مقتضيا لتقديم قول الذين زكوه، بل يجوز أن يكونوا صادقين في تعديله، كاذبين فيما كذبهم فيه، ويجوز أن يكونوا كاذبين في تعديله، وفي هذا، ويجوز أن يكونوا كاذبين في تعديله، صادقين في هذا، سواء كانوا متعمدين للكذب أو مخطئين، وحينئذ فالحاكم يتوقف حتى يتبين له الأمر، لا يرد قول الذين عدلوه بمجرد معارضته لهم، فلو كان هذا وزان تعارض العقل والشرع لكان موجب ذلك الوقف دون تقديم العقل.