وأيضا فقد يسلم هؤلاء القائلون بامتناع التشابه من وجه دون وجه،
كأبي المعالي وغيره، أن الأعراض المختلفة تشترك في أمور، وقد صرحوا بأن القديم والحادث يستويان في الثبوت، وأنه يشارك المحدث في أمور.
والاشتراك في بعض صفات الإثبات لا يكون تماثلا، وهذا تصريح بأن المختلفين يستويان ويشتركان في بعض الصفات، فكيف يمكن أن يقال مع هذا إن المختلفين لا يشتبهان من بعض الوجوه، وقد صرح بتساويهما في بعض الأشياء؟ وغاية هذا أن يقال: إنهما لا يختلفان بوجه من الوجوه في الصفات النفسية وإن اشتبها في الصفات المعنوية.
وهذا مع أن اللفظ لا يدل، فيعود إلى ما ذكر. وقد أخبر الله
[ ص: 194 ] تعالى في كتابه بنفي تساوي بعض الأجسام وتماثلها،، كما أخبر بنفي ذلك عن بعض الأعراض فقال الله تعالى:
وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات [سورة فاطر: 19 – 22].
وقال تعالى:
هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون [سورة الزمر: 9].
وقال تعالى:
ليسوا سواء [سورة آل عمران: 113].
وقال تعالى:
لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة [سورة الحشر: 20] وقال تعالى:
وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم [سورة محمد: 38]، فنفى أن يكون بعض الأجسام مثلا أو مساويا لغيره.
وإذا قيل: إن الأجسام اختلفت بما عرض لها من الأعراض.
قيل: من الأعراض ما يكون لازما لنوع الجسم، أو للجسم المعين، كما يلزم الحيوان أنه حساس متحرك بالإرادة، ويلزم الإنسان أنه ناطق، وكما يلزم الإنسان المعين ما يخصه من إحساسه وقوة تحركه بالإرادة ونطقه، وغير ذلك من الأمور المعينة التي لا يشركه في عينها غيره، فهذا لا يجوز أن يكون عارضا له، إذ هو لازم له.