والمقصود هنا أن
ما تذكره الجهمية نفاة الصفات من العقليات المناقضة للنصوص، لم يكن معروفا عند الأمة إذ ذاك، ولما ابتدعوه لم يسمعه أكثر الأمة.
ثم قد وضعت
الجهمية من
المعتزلة وغيرهم من ذلك في الكتب ما شاء الله، وأكثر المؤمنين لا يعلمون ذلك، وما من أحد من النفاة إلا وقد يذكر على النفي من حججه العقلية ما لا يذكره الآخر، ولا تجد طائفتين يتفقان على طريقة واحدة عقلية، بل
المعتزلة عمدتهم في النفي، أن الصفات أعراض، والأعراض لا تقوم إلا بجسم، وعمدتهم في نفي الجسم كونه لا ينفك من الحوادث، أو كونه مركبا من الأجزاء المفردة، فهم يستدلون بالأكوان الأربعة التي للجسم - وهي الاجتماع، والافتراق، والحركة، والسكون - على حدوثه.