الوجه السادس: قوله: "لا حيز إلا ويفرض فوقه حيز آخر" يقال له: المفروض هو تقدير الذهن وتخيله، وذلك لا يستلزم تحقق هذا المقدار في الخارج، بل تقدير أحياز بعضها فوق بعض بمنزلة تقدير أجسام لا نهاية لها، وذلك تقدير لا حقيقة له في الخارج،
فقوله: "فلا حيز إلا وهو بالنسبة إلى ما فوقه أسفل" يوجب أن لا يحصل في شيء من الجهات إنما يصح لو كان فوقه شيء لا يلزم إذا قدر الذهن شيئا لا حقيقة له في الخارج، كما لا يلزم إذا قدر أجسام لا نهاية لها أن يكون مداخلا للأجسام، وكما لا يلزم إذا قدر هناك عالم آخر أن يقال لا يكون فوق هذا العالم بل فوق ذلك، بل إذا قدر الذهن حيزا فوق حيز قدر أيضا فوق الأسفل، وهكذا كلما زاد الذهن في هذا التقدير، زيد في
[ ص: 323 ] هذا التقدير، ولكن لا يلزم من ذلك أن يكون الخارج كذلك، وإنما هذا تقدير ذهني.
وقد قدمنا فيما مضى أن الأحياز التي قال إنها خارج العالم / إنما هي أمور عدمية وتقديرات ذهنية ليس لها حقيقة خارجية. والله سبحانه وتعالى أعلم.
[ ص: 324 ]