ومع هذا
كلام السلف كثير مستفيض في ذم الجهمية والمعتزلة على نفي الصفات، ولم يعرف عن السلف ذم لهؤلاء
الرافضة على ما يقال إنه التجسيم ولا شاع عنهم من عيب
الرافضة بذلك ما شاع عنهم من عيب
المعتزلة على النفي، ولا يحفظ عن أحد من السلف ذم المجسمة ولا ذم من يقول بالجسم ولا نحو هذا أصلا، فإذا كانوا متفقين على ذم
الجهمية نفاة الصفات بنفي الجسم وملازمه، ولم يذموا أحدا لخصوص كونه أثبت الجسم ولم ينفه كما نفاه نفاة الجسم، على أن ذم هؤلاء ذم لا أصل له في الكتاب والسنة ولا كلام أحد من سلف
[ ص: 397 ] الأمة، وأن النفاة مذمومون بالكتاب والسنة والإجماع، نعم ذم السلف من كان يزيد في الإثبات على ما جاء في الكتاب والسنة من المشبهة والمجسمة كما وجد هذا في كلام غير واحد من السلف رضي الله عنهم، فيذمونهم ذما خاصا على ما زادوه من الباطل وما وصفوا الله تعالى به مما هو منزه عنه، كما يذكر عنهم من المقالات الباطلة، وذموهم على التجسيم الذي ابتدعوه وخالفوا به الكتاب والسنة، ولم يكن في كلامهم نفي عام وذم عام، كما يوجد في كلام النفاة، وهؤلاء السلف والأئمة الذين ذكرنا مدحهم وذمهم / قد أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم، والمؤمنون شهداء الله في أرضه، وهم الذين يعتد بإجماعهم في الدين، فإذا كانوا مجمعين على ما ذكرناه كان ذلك ثابتا بالكتاب والسنة بخلاف من قد تنازعت الجماعة في مدحه وذمه.